إدارة الموارد البشرية في قطاع الأعمال وإدارة الموارد البشرية في الإدارة الحكومية
الثانية: تمسك بهذه الآية جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة والشافعي وداود وأحمد بن حنبل على أن الكفر كله ملة واحدة ، لقوله تعالى: ملتهم فوحد الملة ، وبقوله تعالى: لكم دينكم ولي دين ، وبقوله عليه السلام: لا يتوارث أهل ملتين على أن المراد به الإسلام والكفر ، بدليل قوله عليه السلام: لا يرث المسلم الكافر. وذهب مالك وأحمد في الرواية الأخرى إلى أن الكفر ملل ، فلا يرث اليهودي النصراني ، ولا يرثان المجوسي ، [ ص: 91] أخذا بظاهر قوله عليه السلام: لا يتوارث أهل ملتين ، وأما قوله تعالى: ملتهم فالمراد به الكثرة وإن كانت موحدة في اللفظ بدليل إضافتها إلى ضمير الكثرة ، كما تقول: أخذت عن علماء أهل المدينة - مثلا - علمهم ، وسمعت عليهم حديثهم ، يعني علومهم وأحاديثهم. قوله تعالى: قل إن هدى الله هو الهدى المعنى ما أنت عليه يا محمد من هدى الله الحق الذي يضعه في قلب من يشاء هو الهدى الحقيقي ، لا ما يدعيه هؤلاء. قوله تعالى: ولئن اتبعت أهواءهم الأهواء جمع هوى ، كما تقول: جمل وأجمال ، ولما كانت مختلفة جمعت ، ولو حمل على أفراد الملة لقال هواهم. وفي هذا الخطاب وجهان: أحدهما: أنه للرسول ، لتوجه الخطاب إليه. والثاني: أنه للرسول والمراد به أمته ، وعلى الأول يكون فيه تأديب لأمته ، إذ منزلتهم دون منزلته.
[ وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: ( حتى تتبع ملتهم) حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى: ( لكم دينكم ولي دين) [ الكافرون: 6] ، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار ، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا; لأنهم كلهم ملة واحدة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه. وقال في الرواية الأخرى كقول مالك: إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى ، كما جاء في الحديث ، والله أعلم].
وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ومنصور بن المعتمر ، عن ابن مسعود. وقال السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في هذه الآية ، قال: يحلون حلاله ويحرمون حرامه ، ولا يحرفونه عن مواضعه. قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن مسعود نحو ذلك. وقال الحسن البصري: يعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، يكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا ابن أبي زائدة ، أخبرنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله: ( يتلونه حق تلاوته) قال: يتبعونه حق اتباعه ، ثم قرأ: ( والقمر إذا تلاها) [ الشمس: 2] ، يقول: اتبعها. قال: وروي عن عكرمة ، وعطاء ، ومجاهد ، وأبي رزين ، وإبراهيم النخعي نحو ذلك. وقال سفيان الثوري: حدثنا زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله: ( يتلونه حق تلاوته) [ ص: 404] قال: يتبعونه حق اتباعه. قال القرطبي: وروى نصر بن عيسى ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( يتلونه حق تلاوته) قال: " يتبعونه حق اتباعه " ، ثم قال: في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكره الخطيب إلا أن معناه صحيح. وقال أبو موسى الأشعري: من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة.
[ وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: ( حتى تتبع ملتهم) حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى: ( لكم دينكم ولي دين) [ الكافرون: 6] ، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار ، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا; لأنهم كلهم ملة واحدة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه. وقال في الرواية الأخرى كقول مالك: إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى ، كما جاء في الحديث ، والله أعلم]. وقوله تعالى: ( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) قال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة: هم اليهود والنصارى. وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير. وقال: سعيد عن قتادة: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، وعبد الله بن عمران الأصبهاني ، قالا حدثنا يحيى بن يمان ، حدثنا أسامة بن زيد ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب ( يتلونه حق تلاوته) قال: إذا مر بذكر الجنة سأل الله الجنة ، وإذا مر بذكر النار تعوذ بالله من النار. وقال أبو العالية: قال ابن مسعود: والذي نفسي بيده ، إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ، ولا يحرف الكلم عن مواضعه ، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله.
وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) قال ابن جرير: يعني بقوله جل ثناؤه: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق. وقوله تعالى: ( قل إن هدى الله هو الهدى) أي: قل يا محمد: إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى ، يعني: هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل. قال قتادة في قوله: ( قل إن هدى الله هو الهدى) قال: خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، يخاصمون بها أهل الضلالة. قال قتادة: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله ". قلت: هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو. ( ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته.
( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ( 120) الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ( 121)) قال ابن جرير: يعني بقوله جل ثناؤه: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق. وقوله تعالى: ( قل إن هدى الله هو الهدى) أي: قل يا محمد: إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى ، يعني: هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل. قال قتادة في قوله: ( قل إن هدى الله هو الهدى) قال: خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، يخاصمون بها أهل الضلالة. قال قتادة: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله ". قلت: هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو. [ ص: 403] ( ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته.
قوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير [ ص: 90] قوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: قوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم المعنى: ليس غرضهم يا محمد بما يقترحون من الآيات أن يؤمنوا ، بل لو أتيتهم بكل ما يسألون لم يرضوا عنك ، وإنما يرضيهم ترك ما أنت عليه من الإسلام واتباعهم. يقال: رضي يرضى رضا ورضا ورضوانا ورضوانا ومرضاة ، وهو من ذوات الواو ، ويقال في التثنية: رضوان ، وحكى الكسائي: رضيان. وحكي رضاء ممدود ، وكأنه مصدر راضى يراضي مراضاة ورضاء. تتبع منصوب بأن ولكنها لا تظهر مع حتى ، قاله الخليل. وذلك أن حتى خافضة للاسم ، كقوله: حتى مطلع الفجر وما يعمل في الاسم لا يعمل في الفعل ألبتة ، وما يخفض اسما لا ينصب شيئا. وقال النحاس: تتبع منصوب بحتى ، وحتى بدل من أن. والملة: اسم لما شرعه الله لعباده في كتبه وعلى ألسنة رسله. فكانت الملة والشريعة سواء ، فأما الدين فقد فرق بينه وبين الملة والشريعة ، فإن الملة والشريعة ما دعا الله عباده إلى فعله ، والدين ما فعله العباد عن أمره.